كيف انتقلت الرياضة من الهواية إلى الاحتراف ؟؟
تحولت الرياضة مع التطورات الحديثة إلى ظاهرة اجتماعية كبيرة وأحد المحركات الاقتصادية في العالم المتقدم بعدما طغى المال على عالمها مع الانتقال من مجرد الهواية والمتعة إلى الاحتراف الذي يدر على أصحابه أموالا طائلة تعد بالملايين من كل حدب وصوب فخبير الاقتصاد الفرنسي جان فرنسوا بورغ قد أكد أن الرياضة أصبح رقم أعمالها العالمي يقدر ب 400 مليار دولار أمريكي بينها 4.3 مليار دولار لكرة القدم وحدها وبدلك أصبحت الرياضة نشاطا اقتصاديا شأنه في دلك شأن بقية القطاعات الأخرى الشيء الذي يفسر التخلي عن المبادئ الأولمبية و إعادة تنظيم هدا المجال حول قيم تجارية جديدة . ولم يكن هدا التوسع المالي ليكبر لولا وسائل الإعلام التي عرفت طفرة قوية في الميدان مع انتشار البث عبر الأقمار الاصطناعية حيث أصبح التلفزيون مستهلكا كبيرا للعروض الرياضية التي تدر أموالا كثيرة .وكان فيما قبل البارون الفرنسي بيير دو كوبيرتان قد ركز عن الجانب الأخلاقي والتربوي للرياضة ومنع أي أرباح مادية عندما احيي الألعاب الأولمبية الحديثة في نهاية القرن التاسع عشر و بالضبط سنة 1896 وبقي هدا المبدأ سائدا رغم دخول الرياضة في حقبة الاستعراض وبقي المال محرما بل عوقب أبطال كبار و بقساوة نتيجة تجاهلهم مبدأ الهواية الذي حدده ميثاق عام 1925. فقد اضطر الأمريكي جيم ثورب بطل الألعاب العشارية من أن يعيد ميداليته الأولمبية لسنة 1912 من أجل بضع دولارات تلقاها في لعبة البيسبول قبل دلك التاريخ بثلاث سنوات . وبعد دلك منع العداءان الشهيران بافو نورمي من فنلندا و جول لادوميغ من فرنسا مدى الحياة عن خوض أي مسابقة رياضية بتهمة الاحتراف .وفي سنة 1972 استبعد رئيس اللجنة الأولمبية الدولية الأمريكي افيري برانديج المتمسك بالمبادئ الأولمبية نجم التزلج النمساوي كارل شرانتس من دورة اللعاب الأولمبية الشتوية في سابارو باليابان بسبب بعض الهفوات التجارية . وشكل انتخاب الايرلندي لورد كيلانين رئيسا للجنة الأولمبية الدولية عام 1972 منعطفا تاريخيا حيث استبدلت كلمة /هاو/ ب / متبار / في المادة 26 من الميثاق الأولمبي وتمت الموافقة على مبدءا الربح فضلا على المكافئات المالية التي تمنحها الاتحادات مع منع أي استغلال للرياضي أو صورته لأهداف تجارية لكن اعتماد الدورات المفتوحة في كرة المضرب مع عودة المحترفين في الميدان ابتداء من1968 شكل سبقا و أثار ظاهرة المال في الرياضة من جدي.ومع وصول رجل الأعمال لإسباني خوان أنطونيو سامارانش على رأس هرم اللجنة الأولمبية عرفت هده الأخيرة منعطفا جديدا وكان هدا الحدث ايدانا بنهاية مبدأ رياضة الهواة . وفي 1986 فتح الباب على مصراعيه أمام المحترفين في الدورات الأولمبية وفي 1988 أطلق برنامج التسويق مما فتح الباب أمام شركات كبرى أمثال كوكاكولا ،بيبسي كولا ، أو شركات المصنعة للمستلزمات الرياضية كأديداس و نايك للدخول إلى عالم الرياضة كمحتضنين أو مستشهرين . أما في سنة 1992 فقد سمح لنجوم كرة السلة الأمريكية / فريق الأحلام/ وكلهم محترفون من المشاركة في الألعاب الأولمبية الصيفية ببرشلونة . وبعدها سمح في جميع أنواع الرياضات بالاحتراف حيث أصبحت هده الأخيرة موضع مزايدات من طرف المحطات التلفزية العالمية وقد دفعت محطة / إن-بي-سي/ مبلغ 793 مليونا من الدولارات لتضمن نقل الألعاب الأولمبية التي جرت في سيدني فيما عرفت الألعاب الأولمبية لأثينا أرقاما خيالية هي الأخرى قدمتها القنوات التلفزية لضمان البث عبر الأقمار الاصطناعية .وأدت عائدات الرعاية الناجمة عن النقل التلفزي إلى ارتفاع كبير في عائدات الرياضيين كما أن سوق المستلزمات الرياضية التي يروج لها أبطال أمثال نجوم كرة السلة الأمريكية أو نجوم المستديرة أمثال رونالدو بيكهام و زيدان عرفت ارتفاعا مطردا . وباتت كرة القدم وغيرها من الرياضات تزحف على كل شئ وبلغت أسهمها التجارية مبالغ خيالية تتداول في البورصات كأي شركات إنتاجية و أصبحت الأموال تتدفق على النجوم من كل اتجاه الشيء أصاب الرياضة وأصحابها بعدة آفات قد تكون قاضية عليها في المستقبل كالفساد المالي والعنف وتناول المنشطات . وتتعالى حاليا أصواتا منادية بإعادة تنظيم الرياضة مع مطلع الألفية الثالثة وفي حال لم يتم دلك فقد تتعرض الرياضة إلى مهزلة بفقدانها أدبياتها والمبادئ التي أنشأت من أجلها و هذا ما أصبح يتضح جليا خلال المنافسات حيث أصبح العديد من الأبطال يلجأون الى استعمال المنشطات لتحقيق نتائج خيالية تضمن لهم استمرار العقود التي تربطهم بمحتضنيهم و تدفق الأموال عليهم ما دامت النتائج التي يحققونها تساعدهم على فرض شروطهم على أي اراد الاستفادة من اسمهم لأغراض تجارية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع